عرفت فترة الثمانينات صعوبات كثيرة على المستوى الاقتصادي بشكل عام و على مستوى المؤسسات العمومية و الجهاز المصرفي بشكل خاص فقد عجز هذا الاخيرباطره القانونية و المالية عن تعبئة و جمع المدخرات و تمويل الاقتصاد الوطني و الخروج من دائرة الأزمات التي حلت بالاقتصاد , و تمثلت الصعوبات آنذاك بين تمويل التنمية و أولوياتها و عجز البنك كمؤسسة تجارية تلزمه منظومة معينة للقيام بوظائفه بفعالية من اجل ضمان التطوير كما أن الفلسفة الاشتراكية التي كانت تقوم على التخطيط المركزي لكل نشاط و على مفاهيم الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج و تخصيص الموارد وفق المنفعة الاجتماعية عرقلت كل مخططات التنمية و كل المساعي التي أحدثت لبناء اقتصاد مرن يتماشى وإمكانيات الدولة المتاحة و وضعها السائد لنهوض نحو اقتصاد أفضل .
و لقد جاءت إصلاحات الثمانينات ( إصلاح 1986 المتعلق بنظام البنوك و القرض و إصلاح 1988 الخاص بتوجيه المؤسسات العمومية ) كحتمية ولدها الخلل على مستوى التنظيم و الأداء بالنسبة للنظام الذي ساد في الفترة السابقة لعام 1986 .
و من خلال هذه الدراسة سوف نعطي الصورة الشاملة للوضع الاقتصادي الذي ساد في الثمانينات و الذي حتم السلطات على القيام بالإصلاحات ثم نتطرق لدراسة هذه الأخيرة و ما جاءت به و ما أحدثته من تغيرات على المستوى الاقتصادي ككل و على مستوى النظام و الجهاز المصرفي .
** الوضع الاقتصادي السائد في بداية الثمانينات **
تميزت هذه الفترة بأزمات عديدة و بوضع اقتصادي مزدري و مما زاد الطين بلة انفجار أزمة المديونية سنة 1982 و أزمة النفط سنة 1986 و كما سبق القول انه خلال السنوات السابقة لهذه الفترة اعتمدت الجزائر في اقتصادياتها على مبدأين أساسيين هما :
* التخطيط
* الأولوية العمومية للبنوك و المؤسسات
و قد كانت آثار و انعكاسات هذه الوضعية على المستوى الاقتصادي و النقدي كما يلي :
--- اختلال بنيان الاقتصاد الناتج عن السياسات و البرامج التي تم إتباعها سابقا و التي ركزت على القطاع الصناعي و أهملت نوعا ما القطاع الفلاحي , مما أدى إلى تراجع نسب النمو في هذا القطاع أمام نمو ديمغرافي متزايد .
--- البرنامج الذي تم تبنيه و الخاص بالاستيراد الواسع الذي سمي ب " ضد الندرة " و حمل شعار "من اجل حياة أفضل " ضاعف من خطر التبعية للسوق الخارجية خاصة فيما يخص باستراد المواد الغذائية حيث خصص لهذا البرنامج 10 مليار دولار سنة 1982م.
--- اعتماد الجزائر على ايرادات المحروقات و التي تمثل 95/ من اجمالي ايرادات التصدير ادى الى انهيار اقتصادياتها بانخفاض اسعار البترول من 27 دولار للبرميل سنة 1985م الى 14 دولار للبرميل سنة 1986م و هذا ما ادى الى :
* انخفاض ايرادات المحروقات من مستوى 12.72 مليار دولار الى اقل من 7.26 مليار دولار أي بنسبة 43/.
* انخفاض بنسبة 50/ من معدلات التبادل و ايرادات الميزانية.
* عجز الميزانية ب 13.7/ من الناتج الداخلي الاجمالي سنة 1988م.
* ارتفاع معدلات خدمة الديون من 25/ الى 78/ بين 1985م و 1988م , كما ارتفعت الديون الى 18.46 مليار دولار .